التعليم و الذرة
قبل عشرين سنة، استفاض استاذ الكيمياء في شرح نظرية الذرة و مكوناتها و سلوكها كأصغر جزيئ وصل له الانسان، فهو يبدوا انه كان مستعدا بشكل جيد لإعطاء الدرس المعقد في الذرة. بعد عقدين من الزمن، سألت نفسي سؤالا مباشرا، هل لا زالوا يعلمون ابنائنا نفس نظرية الذرة القديمة، ام انهم تقدموا مع تقدم العلم؟ حرصت ان أطّلع على كتب الكيمياء الثانوية، فوجدت ان النظرية الذرية القديمة قبل عشرين سنة ما زالت تُدرّس في مدارسنا وهذا بكل تأكيد استفز سؤالاً حائراً في داخلي، أيعقل أن يكون العلم قد توقف عند ذلك الزمان في كتبنا المدرسية؟
لكي أبسط لكم الاختلاف بين المفهومين، كان يُعتَقد أن الذرة يوجد فيها شحنات موجبة، بروتون، و شحنات متعادلة، نيترون، و يدور حولهما شحنات سالبة، إلكترون، في شكل دائري في مسارات ثابته. مفهوم الذرة اختلف كليا مع تقدم العلم فالذرة الان في اخر مفهوم توصل اليه العلم تتكون من نفس العناصر الثلاث المذكورة، ولكن كل عنصر له موجه مكونه من ثلاث طبقات موجه علوية تعطي شحنة و موجة سفلية تعطي كتله وموجة بينهما تمثل العنصر نفسه فمع كل قمة موجة يأخذ شحنته و مع كل موجة قاعية ياخذ كتلته. اذا المفهوم الجديد للذرة جعلها عبارة عن بحر متلاطم من الموجات وليست منعزلة كما كان يتصور سابقاً.
هذا التصور الجديد للذرة، يفسر حركة كل شي بالزمكان. فماهو الزمكان؟ هو ربط الزمن بالمكان، وكان هذا موضع اختلاف كبير جداً بين أنشتاين و علماء زمانه حتى اصبح الزمن هو البعد الرابع للطبيعة. فمثلا؛ نحن كبشر لنا تموج ذري يفسر تحركنا، لان الانسان عبارة عن موجات من الذرات المتحركة عبر الزمان و المكان وهذا التصور المذهل قاد العلماء الى بحث إمكانية انتقال الانسان من مكان الى اخر عبر نسخ ذراته، يعني تقريبا مثل عمل الفاكس. بمعنى آخر، حسب هذا التصور الجديد يمكن أن نكون في أكثر من مكان في نفس اللحظة عبر نسخ ذراتنا!! فهل سيُصبِح ذلك ممكنا في المستقبل؟ ما يؤكد تلك الإمكانية قصتان حدثتا في تراثنا الاسلامي، واحدة في العهد النبوي، عندما مَثُلَ الأقصى أمام المصطفى صلوات الله عليه عند سؤال كفار قريش عن تفاصيله بعد ليلة الاسراء و المعراج، و القصة الاخرى في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في عبارته المشهورة ياسارية الجبل عندما كانت الجيوش الاسلامية تقاتل في بلاد فارس وهو في المدينة يخطب في المسلمين.
كتابنا المدرسي ايضا يحتاج الى آلة تغيير الزمكان في ظل التقدم الهائل في العلم وتخلفه.
كتبه:
د. خالد المطيري
٢٠١٩/٠٨/٠٤
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.