Sunday, October 27, 2019

الظن

ذكر الله سبحانه جل شانه الظن في القران الكريم في ٥٩ موضع، ويعود ذلك لأثر الظن في علاقة الآحاد ببعضهم الآخر و لعلاقته أيضا باتخاذ القرار. 
الظنون في غالب الأحيان، لا تعكس الواقع الحقيقي ولكن هي ظنون بُنيت على عدة اعتبارات منها السيئة و منها الإيجابية.لذلك فالظن السيء هو من يخلق الأزمات و يجعل الأمور دائما تتجه إلى التعقيد ومن الممكن ان تصل لمرحلة الانهيار. إذا نظرنا إلى بناء الظن السيء نجد أنه بناء تراكمي إما لعلاقته بالتربية أو بالمجتمع المحيط وقد يعود ذلك البناء إلى تجارب الفرد الشخصية، أياً كان هذا الظن فهو قائم على اعتبارات فردية، ومما يزيد الأمور تعقيداً أيضا هو إيمان الفرد بظنونه و من الصعب غالباً إقناعه بعدم مشروعية تلك الظنون. 
أما إذا نظرنا إلى الصفحة البيضاء من الظن فنجده ظن إيجابي وهو الدافع و المحرك للعلاقات الاجتماعية بشكلها الإيجابي، و هو المسؤول أيضاً عن نشر ثقافة الود و الحب بين أفراد المجتمع. 
هذا يقودنا إلى سؤال جوهري، كيف نُمكّن أنفسنا من ممارسة الظن الإيجابي؟ إجابة هذا السؤال بسيطه جدا، بحُسن الظن. من الطبيعي أن يواجه الآحاد صعوبة بالغة في حسن الظن و ذلك للاعتبارات التي سقناها في أول المقال، وبالممارسة الإيجابية يتعلم الفرد حسن الظن حتى يصبح محباً لكل شي حوله من أفراد و كيانات وذلك بتقديم السببية الإيجابية على السببية السلبية. فالمتسبب في ذلك دوماً هو العقل الذي يميل إلى الراحة فهو لا يتعب نفسه إلا إذا طوعه الفرد ليستطيع أن يفكر في الاتجاه الذي يريده. لذلك هناك نظرية أومن بها و هي نظرية Google Mind، و تتلخص فكرتها أن الفرد يعوّد عقله على نمط من التفكير يصبح ملازما له حتى يصبح كل ظن يطرحه هي حقيقة ملزمة يجب الإيمان بها. فإذا كان تفكيره دائما سلبيا تجد الفرد يميل إلى النقد و التذمر دوما بدون طرح حلول، بعكس الإيجابي الذي يحدد المشكلة و يبحث  عن حلول لها. 
خاتمة: 
أحسنوا الظن دوماً فهو دواء للكثير من العلل و الأمراض.

كتبه
د. خالد بن سرحان المطيري
2019/10/27

Monday, October 21, 2019

مرض الشفاء


تتبع المجتمعات انساقا محددة في سلوكياتها و تصرفاتها ويصل الأمر إلى انتقاء مفرداتهافتجد أن مجتمعًا يستخدم مفردات محددة قد يجدها مجتمعًا آخر غريبة أو جديدة على مسامعه فلا يستسيغهاكذلك الأمر يندرج على السلوكيات و التصرفات المجتمعيةفهناك مجتمعًا يتصرف وفق نمط سلوكي محدد في تربية الأبناء و تعليمهم و ممارسة الصدق و في المقابل تجد مجتمع آخر يمارس تربية الأبناء بشكل مختلف و لا يرى التعليم من أساسيات الحياة و يتعامل بالكذبعندما ينتقل فردًا من مجتمع صحي سلوكيا كالاول إلى مجتمع مريض سلوكيا كالثاني سيواجه تحديات كبيرة يحاول خلالها أن يتمسك بمبادئ المجتمع الصحي الذي أنتقل منه و يبدوا غريبًا بتصرفاته في المجتمع المريضهذا التغير في الأنساق الاجتماعية و مقاومته و التماهي معه هو ما يسمى بعلم الانسان أو الأنثروبولوجيا، الذي يناقش سلوكيات المجتمعات و أنماطها المختلفةهل يمارس المرض السلوكي من إنتقل من نمط صحي؟ أم يُظهر المرض السلوكي حتى يتماشى مع النمط ويكون متمسكا داخلياً بأنماطه الصحية؟ للإجابة على هذين السؤالين يحتاج الفرد إلى ذكاء اجتماعي يحدد فيه هل يمرض سلوكيا ويتعايش مع النسق الاجتماعي السائد أم هل يمارس المرض النسقي ظاهرًا ويتمسك بالنسق الصحي في داخله وفي مجتمعه الصغيرأعتقد أن الأخير هو الحالة المثالية للعيش في المجتمعات المريضة، فليس بمقدور الفرد أن يغير سلوكاً في مجتمع نشاء و تربى على نمط وسلوك محددالذكاء الاجتماعي و الموازنات الاجتماعية هي اُسلوب حياة جديد يجعلك متوازنا في سلوكياتك فما تمارسه مع المجتمع المريض ذلك فقط لتبقى صحيًا حتى لا تتألم وتمرض فعليا.

سلوك
لم أتصور ان أتمنى المرض لأشفى!!

كتبه
دخالد بن سرحان المطيري
2019/10/22

Friday, October 18, 2019

الخِبُّ


تُمارس المنظمات المتميزة أقصى درجات الصدق والوضوح في تعاملاتها الداخلية و الخارجية وذلك لكي تبني سمعة متميزة في أوساط المتعاملينولكي تحقق مكاسب و نجاحات في أعمالها. على مستوى المنظمة الكذب مدمر تمامًا لسمعتها و يجعلها في أدنى مستوياتها الممكنة، فبذلك تدخل في نفق مظلم من التعقيدات و الإشكاليات التي لن تنتهي إلا بجعل الصدق عقيدة و الوضوح مبدأ. ينسحب ذلك أيضاً على الآحاد فتجد ان التعاملات مع الصادقين و الواضحين مريح جدًا. وبالعكس تمامًا نجد ان التعاملات مع الكاذبين مزعج إلى أبعد حد، لذلك نمر بتجارب يومية تكشف لنا و تعلمنا كيف نتعامل مع الأنماط المتعددة من البشر، مع الصادق و الكاذب و بين هذا وذاك المتلون. يتبادر أحيانًا سؤالا إلى اذهاننا مالذي يجعل المنظمة أو الفرد يكذب؟ أهم أسباب الكذب هو الخوف ولكن مما يخافون؟ المنظمات تخاف من ردات فعل المتعاملين الخارجيين و الأفراد يخافون من فقد مكانة أو حضوة  وبجهل كبير لا يعلم هؤلاء ان الخسائر التي تجنيها كذبه واحده كبيرة جدا أهمها فقدان الثقة التي يعد بناءها من أصعب المراحل في العلاقات البشرية. يحكي لي أحدهم ان هناك جهة حكومية علاقاتها الخارجية متعددة جدا، ولأهمية الصدق و الوضح و المكاشفة في عملهم يعقد إجتماع سنوي صريح جدا تطرح فيه جميع المواضيع العامة و الخاصة على طاولة النقاش وتطرح معها الحلول أيضاً. 
ان من أهم معاول الهدم في أي منظمة أو علاقة بين الآحاد هو الكذب فبكل تاكيد يصنع حاجزا و يودي إلى نتائج لا تسر جميع الأطراف، لذا كن صادقاً لا تخف من عواقب الحدث تكلم بشفافية ووضوح فإن اخطأت فاعتذر فخطأك غير مقصود. تذكر قبل ان تكذب ان الاسلام أمر بالصدق و ان مقولة الفاروق لست بالخِبّ... ليس دليلا على جواز الكذب بل على الذكاء. 

شكر:
منك نتعلم جراءة الصدق و الوضوح و الشفافية، باركك الرب... 

كتبه
د. خالد بن سرحان المطيري
2019/10/18

Monday, October 7, 2019

العلاقات الإنسانية...


منذ بداية خلق ادام عليه السلام و العلاقة الإنسانية السليمة ظهرت جليه في تعامله مع زوجه و تفاهمها في الجنة و اتفاقهما في الرأي إلى نزولهم للأرض. ثم تأزمت العلاقات الإنسانية عندما قتل احد ابنائهما الآخر ومنذ تلك الحادثة و العلاقات الإنسانية بين مد وجزر لكل الأفراد و المنظمات. هذه العلاقات المتوترة جعلت الإنسان يطور في مفهوم العلاقات الإنسانية التي أصبحت متعددة و متشابكة و معقدة في آن واحد. ففي كل زمان و أيضا في كل مكان هناك حدود للعلاقات الإنسانية تختلف في تفاصيلها ولكن الإطار العام يتفق عليه الجميع. فمثلًا لا تجد مجتمعًا يقبل ان يتم التعدي لفظيًا أو جسديًا على احد أفراده كإطار عام، ولكن العلاقات الإنسانية التفصيلية لها شأن اخر، فمثلا مفهوم المؤسسة الزوجية يختلف من الغرب الذي يؤمن بالتشاركية كأساس للمؤسسة الزوجية بعكس الشرق الأوسط الذي يعتبر المؤسسة الزوجية هي مؤسسة تناسلية لتفريخ الأطفال يقودهم في ذلك فلسلفة دينية. هذا يقودنا إلى علاقة الذكر بالأنثى كوجه من أوجه العلاقة الإنسانية. يعتقد الغربيون ان التساوي في الحقوق أساس متين لبناء هذه العلاقة ويرى الشرق أوسطيون ان الذكر هو صاحب الحضوة في هذه العلاقة وهو المسير لها. لذلك تجد ان العلاقة متأزمة في الشرق الأوسط بين الذكر و الأنثى، حتى ان الذكر فرض سطوته على اللغة فأصبحت اللغة ذكورية في تجاهل تام للأنثى التي يعد وجودها كمفهوم لديهم عنصرًا مساندًا للجنس الذكوري. وهذا المفهوم القاصر في فهم دور الأنثى جعل الذكر يخلق صورة ذهنية عن نفسه بانه الوحش الذي يعد قربه من الأنثى أو الاحتكاك بها بشكل مباشر او غير مباشر امر في غاية الخطورة! وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة فقد جعلتها هذه الصورة الذهنية تنغلق على نفسها و تجد أي علاقة مع الرجل كعلاقة إنسانية هي ضرب من ضروب الفعل المحرم! بكل تاكيد من وجهة نظر شرعية هذا الأمر غير سليم، فإذا عدنا للقران الكريم وتفكرنا في اياته الكريمة نجد ان العلاقة الإنسانية بين الذكر و الأنثى علاقة يجب ان تكون سليمة و متساوية، قال تعالى في سورة النساء: (بعضكم من بعض) وهذا التعبير الإلهي الجميل يحد من سطوة الرجل بجعل بعضه من الأنثى ويؤسس لعلاقة متساوية و تشاركية لا يوجد لأحدهما سطوة على الآخر. 
كمفهوم لبناء علاقة إنسانية جميلة بين الذكر و الأنثى يجب ان يتحابا في الله وان يقدر كل منهما دور الأخر و يحترمه بلا سطوة أو تنمر. 

معكوسة: 
الرجل كائن لطيف يجعل من الحياة جميلة متى ما أعطي حقوقه كاملة و اصبح متساويا مع المرأة.

كتبه
د. خالد بن سرحان المطيري
٢٠١٩/١٠/٠٤